14‏/02‏/2022

من شفيلد أحييكم .. ٢

 في بعض المرات، تخونني الذاكرة فلا أدرك ما الذي حدث قبل الآخر ؟ 

كل ما اتذكره أن اول معضلة كانت.. الحصول على مشرف يتبنى فكرة البحث الخاصة بي.. 

انتظرت احد الاساتذة في كلية لندن الجامعية الأم  لمدة استغرقت من اكتوبر ٢٠١٨ وحتى يناير ٢٠١٩، حيث أبلغني عن أنشغاله مع طلبة دكتوراة آخرين وعدم قدرته على التجاوب مع طلبي. كانت هذه أول صدمة اتعرض لها مما اعطتني الشجاعه لتقديم طلب البحث لجامعة شفيلد الذين تجاوبوا معي وقتها أسرع مما تخيلت.. وصلني الرد بالقبول المبدئي منهم في فبراير ٢٠١٩. 

التحدي الثاني كان يتمثل بإعتماد جامعة شفيلد للغة الدراسة التي درست بها في الماجستير في الحرم الجامعي داخل قطر، وكنت قد شعرت قبل ردهم الرسمي أنني سأضطر إلى تقديم الايلتس واحراز درجة عالية في قسم الكتابة للحصول على قبولهم. اتخذت امتحان الايلتس في ابريل ٢٠١٩ ولله الحمد احرزت الدرجة المطلوبة وما يفوقها. 

التحدي الثالث، تمثل بالحصول على شهادتي الماجستير التي تأخر صدورها وإرسالها لي أكثر من المتوقع، في وقت حصل فيه الطلاب من دفعتي على شهاداتهم في يناير ٢٠١٩، لم احصل عليها حتى مايو 2019 بعد شكاوى متعددة لقسم التسجيل في لندن والذي برّر هذا التأخير بكون أسمي في الشهادة يختلف بحرف واحد عن أسمي في الجواز.. Eman , Eiman . 

التحدي الرابع، وهو الاصعب والذي استغرق مني صبراً منذ سبتمبر ٢٠١٩ .. لم اتوقع ان الحصول على موافقة عملي بتمويل وزارة التعليم لدراستي هي المعركة الحاسمة! لم تكن المشكلة في مكان عملي ومدرائي.. بل كانت تتمحور نحو سياسات المؤسسة التي يتبعها مكان عملي، والتي لا تسمح لطالب الدكتوراة بالحصول على منحة اكاديمية من الوزارة لما لم تكن الدرجة الوظيفية وسنوات الخبرة مطابقة للمتطلبات. كان الدعم الذي تلقيته من إدارة المكتبة ومدرائي المباشرين كفيل بتجفيف دموعي وانهياراتي العاطفية كلما تذكرت انهيار حلمي وقتها.. 

كلما تذكرت دعم مديرة المكتبة دكتورة سهير وسطاوي التي شبهتني بآينشتاين الذي حصل على شهادة الدكتوراة في عمر ٢٣ .. يدفأ قلبي ويطمئن ويدعو الله أن يسخرني لأمثالها ويسخر لها خير عباد الله.. 

كلما تذكرت مكالماتي الهاتفية مع ملهمتنا عبير الكواري، التي كانت تشمل ٩٠ ٪ من لحظات البكاء و ١٠٪ تهدئتها لي.. اطمئن واسأل الله أن أرد لها جميل وقفتها معي.. لم يكن ما أطلبه مستحيلاً .. بل كان جديداً لا أكثر.. 

في ذلك الوقت، في نهاية عام ٢٠١٩، كان ارتباطي بشريك الحياة والصديق والحبيب الغالي امراً لا املك الجرأة على تأجيله.. كان وجود زوجي معي في تلك المعارك امراً أشد به أزري الذي كان لينهار وسط خيبتي من مجريات الاحداث.. أتذكر أنني قمت بزيارة جامعة شفيلد في عام ٢٠١٩ للإعتذار عن تأجيل دراستي - حتى استطيع التوصل لحل مع سياسات مكان عملي-  شخصياً من مشرفاتي.. اتذكر أنني وقفت في ساحة ريجنت هاوس، حيث تقع مكاتب قسم المعلومات والمكتبات.. وكنت أبكي.. وادعو الله أن ييسر أمري.. اتذكر أنني كنت أهاتف خطيبي آنذاك، زوجي وقرة عيني الآن، وهو يصبرّني ويتحدث بإيمان الرجال وصلابة شخصياتهم.. أنني سأكون هنا.. يوماً ما وسأهاتفه من ذات البقعة وأنا سعيدة لإكمالي دراستي وأن همي الوحيد سيكون كيفية إكمال المهام الدراسية التي تنتظرني.. 

كلما تذكرت أن أخي الاصغر قد ضيّع سنة من حياته ينتظر الذهاب معي لشفيلد، ولم أذهب لظروف لم أستطع توقعها. أبكي من شدة الخذلان الذي شعرت به.. رغم أنه لم يشكو أبداً من هذا التأخير.. إلا أن غريزة الأخت الكبرى يصيبنا بالقلق اللامنتهي.. 

أتذكر، أنني لم استطع الحديث مع مشرفاتي عن صعوبة قدومي وأنني اعتذرت لأسباب واهية وقمت بالتأجيل لعام كامل.. لسبب ما لم أستطع أن أكون صريحة بالصعوبات التي اواجهها مع مكان عملي، حيث أن الحل الأمثل بالنسبه لهم سيكون تحويل دراستي من نظام كامل إلى جزئي، ولكن وزارة التعليم لن تقبل بتمويل إي منحة إلا إذا كانت الدراسة بنظام كامل، والعمل لا يمكنه الموافقة على دراستي سوى أن تكون بنظام جزئي.. 

وانتظرت موافقة عملي.. نوفمبر .. ديسمبر.. انقضت سنة ٢٠١٩ ولم أحصل على أجابة.. 

قرار تحديد موعد الزواج كان مرتبطاً بموعد بدء دراستي، التي لم أكن ادركها.. توكلنا على الله وحددنا موعد الزواج ليكون في صيف ٢٠٢٠. وحدث ما لم آتوقعه.. 






كان الخير كله بإسم.. كورونا.. 

13‏/02‏/2022

من شفيلد أحييكم .. ١

اليوم هو اجازة الاسبوع في شفيلد، مدينتي التي حلمت بالدراسة في جامعتها العريق منذ أربع سنوات، مهما اتاحت لي الفرصة للحديث عن الصعوبات التي مررت بها للتواجد هنا.. لن أفي الحقيقة حقها.. 

على القدر الذي اعتقدت انني املك من الصلابة النفسية المقدار الكافي لتحدي الظروف الغير متوقعة، إلا أن ما حدث لي في سبيل فرصة التعلم كان أشبه بصقل الماء ليصبح حجراً .. 

بدأ الحلم منذ بدأ دراستي لماجستير المكتبات، ٢٠١٦ ، كان عاماً نويت فيه أنني لن اجرؤ على اتخاذ أول خطواتي فيه دون النية الصادقة للإكمال لما بعدها. احببت المكتبات وعلوم المعلومات التي من شأنها أن تمكّن المجتمعات والأفراد ليكونوا أفضل نسخة من أنفسهم. بحثت في الأنترنت عن أفضل الجامعات في هذا التخصص. وجدت جامعة شفيلد التي تحتل المركز الأول حسب تقييم الجامعات QS في هذا التخصص، لم اجرؤ على التقديم لها. ظناً انها المعجزة التي لا يمكن أن تتحقق. كانت هذه الافكار تنتابني كلما نظرت إلى التقويم و وجدت فيه العد التنازلي لتسليم بحث الماجستير. قمت بمراسلة الجامعة الأم لجامعتي التي انخرطت بها لرسالة الماجستير، كلية لندن الجامعية. 

كانت ردودهم تتسم بالمماطلة وتضييع الوقت والانتظار الذي لا يفيه انتظار، من مشرف إلى مشرف.. وقتها كنت للتو التحقت بالعمل في مكتبة قطر الوطنية و أعلنت نيتي لدراسة الدكتوراة لمديرتي آنذاك - خريجة شفيلد - والتي شجعتني بنفسها وأدركت جديتي في هذه النية. كانت تحاول أن تقنعني بالدراسة في شفيلد بدلاً من كلية لندن الجامعية ولكن القدر قد وقف في صفها دون أن تبذل مجهوداً. 

ما تملكه شفيلد هو الجو المحفز للدراسة، مدينة جامعية بسيطة في نظر محبي الصخب والتسوق، ليست مكاناً محبباً لذوي الجنسيات الخليجية والذين يفضلون العيش في مدينة مثل لندن او مانشستر بدلاً من شفيلد اللطيفة. 

كنت أقلق وقتها أن يكون شريك الحياة الذي تخبأه لي حياتي معارضاً او جاهلاً لعظيم الفرصة في إكمال تعليمي. 

كنت أقلق ايضاً من مخاوفي على أخي الاصغر الذي كان من المخطط ان يذهب معي لقضاء أول سنة من الدكتوراة ، ويقوم بدوره بدراسة اللغة الانجليزية. 

كانت الكوابيس تزورني في أيام انتظار ردود المشرفين المحتملين في كلية لندن الجامعية، ماذا لو احتاجتني والدتي لظروفها الصحية ولم أكن بجانبها؟ ماذا لو رغب أبي أن يتناول العشاء مفتقداً اصغر فتياته أمامه تجلس وتدعي أن العشاء وجبة هامة في يومها المزدحم؟ 

كل هذه المخاوف لم تكن حقيقة، بل ما واجهته كان شيئاً يفوق التخطيط والحسبان. 

رغم كل ما تخطيته بالصبر واحتساب الأجر والدعاء.. اسأل الله أن يديم النعم التي لم ادرك احتمالية حدوثها ولم أتخيل أن تحدث. 


31‏/10‏/2020

صوت الذات و حورية البحر.. ~





قبل أشهر ، كنت محظوظة كفاية بأن أزور كوبنهاغن مسقط رأس الكاتب الشهير H.C Anderson ( 1805-1875( 
والذي أنتج في سنواته السبعين أكثر من 3810 قصة خيالية للأطفال.. ترجمت لأكثر من 125 لغة .. وكان اتجاهه لقصص الاطفال ليس سوى وسيلة لتخليد الحكّم و المواعظ التي لم تكن لتحتوى في مدارس.. او مناهج او تعاليم معقدة كالتي تستخدم حالياً .. 
كانت قصص الأطفال هي الوسيلة الوحيدة.. و الوسيط الوحيد الذي به تمرر الدروس الاخلاقية عبر الأجيال..



و يعتبر اندرسون أحد أهم معالم الفخر الدنماركي بحيث يوجد له متاحف خاص بأسمه و مراكز تعليمية في الدنمارك و تم تصميم طوابع بريدية خاصة له في كثير من السنوات.. خياله الرائع كان مثل النهر الذي لا يمكن تخفيفه.. والذي يغرّق معه عقول القراء من كافة الاعمار.. 
من نهل نهره.. كانت تلك القصة المتمهلة التي توقفك للتفكر في احداثها من شدة معانيها.. وهي قصة حورية البحر.. The little Mermaid .. و التي كانت موجودة في قصص مصورة من رسم الفنان اندرسون.


صورة الغلاف الاصلي من قصة حورية البحر.. ملتقطة في مارس 2019 في متحف اندرسون - كوبنهاغن الدنمارك


من جماليات القصة ، تم تصميم تمثال في وسط بحر كوبنهاغن .. تمجيداً للفكرة العبقرية التي رسمها و أوجدها اندرسون.. 
صورة تمثال حورية البحر  - ملتقطة في مارس 2019 في كوبنهاغن - الدنمارك

وفي ثمانينات القرن الماضي.. ألتفتت شركة ديزني العالمية إلى روعة الحكاية الدنماركية و قررت تبني حقوق الحكاية و إنتاج الفيلم المثير للإعجاب و التعجّب .. والذي يلامس كل مراحل النضوج العاطفي الذي تمر به إي فتاة .. 





كانت قصة حورية البحر .. قصة عادية حتى ألتقيت بالأستاذ الفاضل " وليد هاشم " والذي قام بشرح مفاهيم الحكاية من منظور علم نفس النمو ممزوج بالريكي و فلسفات الطاقة الشرقية الذي يمارسها في مركز البحرين للطاقة الإيجابية.. و كانت محاضرته شديدة التطبيق و التنظير على الواقع الاجتماعي حولنا.. و يجيب على كثير من الأسئلة .. ما هو دور هوية الفتاة تحديد علاقات الحب و اختيارها لشريك الحياة ؟ 

في هذه التدوينة .. تنتظركم رحلة مائية في محيط دروس الحياة الموجودة في حكاية ديزني للأطفال .. 

تبدأ القصة.. و يبدأ الفيلم .. بمشهد عرض الخلفية الوالدية لأسرة حورية البحر.. يظهر ملك البحار السبع الذي يحكم الجميع بالعصا التي يملكها و لديه سبع فتيات.. ظهرت شخصية والد آريّل على أنه منفوخ الصدر .. حكيم و غضبه سهل عندما لا يصاع له أمر 

يغلق عينيه بطمأنينة و فخر ان فتياته السبع الموهوبات ، على قدر ما يريد و أكثر.. لديهن من الموهبة الذي يشبع غروره و فخره بتربيته.. عوضا انه آله البحر في القصة 
 نشاهد في المشهد.. ست فتيات.. ست أخوات ملتزمات .. مهذبات مطيعات لوالدهن... مما يدعو للطمأنينة لأي أب يتمنى الخير لبناته ويسعد بحمايتهن من أي سوء.. 

 وتأتي شخصية آريّل بوضوح.. البنت الصغرى التي تعصي والدها و لا تحضر للاستعراضات الموسيقية أمامه.. ولا تعتذر.. لتكون أكثر شخصيات ديزني تمردّاً  و قوة.. 


غضب الأب يزداد و تتحول عيناه للوّن الأحمر.. مدركاً أنها تعصي أمره و أنها ليست كما أخواتها .. و أنها حتماً ذهبت إلى سطح البحر المخيف الذي لطالما تم تحذيرها من الأقتراب منه.. 
وهذه الفكرة في الحكاية هي تجسيد لتصرف الآباء التربوي اتجاه أي ابنة من بناته.. هناك قواعد واضحة .. ما هو مختلف عنا لا يجب الاقتراب منه .. ممنوع السفر ممنوع الاختلاط بلغات أخرى .. أعراق أخرى .. او أي شخص من الجنس الآخر.. 
ولكن ، حورية البحر كانت مختلفة كفاية أن يكون أول ما تريد.. هو المستحيل.. 

 في المشهد الذي يليه.. تظهر آريل بشعرها الاحمر و عيناها المفتوحتين كأنها دمية متعجبة من هول منظر السفينة الغارقة في المحيط.. ممتلئة بالحماس و مستعدة للمخاطرة في سبيل الاكتشاف والبحث عن ما يمكن تجميعه في غرفتها المليئة ببقايا الاغراض البشرية التي لا تدرك طريقة استخدامها.. 


كما أنها تأخذ حقيبة مثل البشريين تمسكها بذراعها تملأها بالشوكة التي تخمّن انها لتمشيط الشعر وسط استغراب صديقها السمكة المتعجب من برود أعصابها و تجاهلها للمخاطر التي تحيط بركام السفينة .. 



تراقبها آرسلا .. الشخصية الشريرة في الحكاية .. و التي تشعر بالملل الشديد و التجاهل و الرغبة في الانتقام و هذا تجسيد حقيقي لما يسمى في علّم النفس " الآيغو " او النفس الآمارة بالسوء او الشيطان الذي يهدف للتدمير و قتل المتعة باللحظة والاهم تدمير فرص الحب والسعادة .. 


ثم تأتي آريّل.. تخضع لوالدها الذي يأنبها.. تعتذر و لا تعاند .. وتبرر انها نست.. و تعتذر.. و يدافع عنها صديقها السمكة الذي يقول أنهم واجهوا صعوبة في الوصول إلى الحفل.. و يقول أنهم ذهبوا للسطح هروباً من الأسماك الخطرة.. 




ثم يحدث الحوار المليىء بالأحكام المطلقة.. يقول والدها " وصولك للسطح يعرضك فرصة التعامل مع البشر الهمج" 
وهذا يعتبر إطلاق حكم مسبق سلبي لا تقبله آريّل المحبة للإكتشاف والمتعة و المنفتحة على العالم الآخر.. 
و تقول أنهم ليسوا همّج ! 



يصرخ والدها ولا يترك لها فرصة النقاش.. كما يصرخ أي أب في وجه أبنته التي تحاول الدراسة بالخارج او العمل او التعرف على شخص " همجّي" في نظره.. 
بعد نوبة الغضب.. يصبح الأب لطيفاً و يقترب من الحورية و يقول " انت صغيره .. عمرك 16 سنة .. كيف لا تخافين من آكلة لحوم السمك البشريين " 


ويلامس وجهها برقة، وكأنها ستسلم للأفكار المغلفة باللطف التي يحاول والدها أن يغرسها بداخل عقلها العاصي.. 
ولكنها تكرر ذاتها و تعبر عن رأيها .. أنا لست صغيره !! 
و يرد عليها.. " طول ما انت تعيشي في محيطي ! لازم تسمعي كلامي" تماماً كما يقول الأب في مجتمعنا ، طول ما أنتِ ابنتي و تعيشين تحت هذا السقف.. واجب عليكِ سماع كلامي .. وهنا تظهر أول عقد الوالدية التي تكون بالقوة Force وليس التأثير Power. 

تذهب آريل و تتسائل عن تناقض أفكارها ، كيف يمكن لأشخاص يخترعون اختراعات غاية في الجمال مثل " الشوكة" و يكونون بالسوء الذي يذكره والدها .. و تحاول الدفاع عن فكرتها المنطقية في عدم الحكم عالاخرين و تعميم افعالهم .. كانت حورية البحر في حالة حب و شغف لعالم الانسان حتى قبل أن تكتشفه .. هنا تظهر الفلسفة التي تؤمن أن الاستعداد للشيء يجلبه.. و إن جهَزَ طالب ظهرَ المعلم. 



كانت آريّل متعلقة بفكرة الانضمام لعالم البشر بشكل رهيب.. كانت تراقب الألعاب النارية التي تظهر من سفن البشر بأعجاب شديد و تعلق و شغف أنساها رغبة أباها و زاد من عصيانها .. وكانت اللحظة التي شاهدت فيها البطل " آيريك" الذي كان مختلفاً عنه جسدا و فكراً .. كان شاب له شعر أسود يختلف عن شعرها الاحمر.. و عيناه بلون مختلف أيضاً دلالة على حبها ما هو مختلف عنها و انجذابها لكل ما هو فريد.. كان أميراً و نبيلاً و عفوياً و مضحكاً و كل الصفات التي كانت تراقبها الحورية بإعجاب.. 




و غالباً عندما يكون أحد أبطال القصص متعلقاُ بنتيجة ما او شخص ما.. تحدث الكارثه الحقيقية.. تماماً كما يتعلّق أي شخص بأي مخلوق بخلاف الخالق.. وكانت الكارثة هي العاصفة التي أغرقت آيريك .. ولكنه كان محظوظ بوجود آريل التي انقذته وغنت له على الشاطىء.. حتى استيقظ من اغماء الغرق الذي كان به.. 


الصوت.. هو الطاقة التي تنتقل للتعبير عن الهوية الذاتية.. و في الفلسفات الشرقية ، تعتبر شاكرا الحلق و يرمز لها باللون الازرق هي اساس الهوية و أن أي مشاكل تحدث في الحنجرة هي دليل في التعبير عن الهوية وتأكيد الذات.. حورية البحر كشفت عن هويتها الحقيقية بالغناء للبطل.. و هنا يحب ايريك حقيقة الحورية .. وهذا ما يحدث اثناء ولادة أي محبة بين أي شخصين.. تظهر الحقيقة على السطح و يحب الاول في الاخر حقيقته قبل أن تغطي هذه الحقيقة المخاوف والشكوك و غيرها من العوائق الداخلية و التي منبعها الذات الدنيا - الايغو او النفس الامارة بالسوء. 

وتعود للبحر.. والبحر يرمز إلى الحب في هذه الرواية.. وتعود لبيتها تحت اعماقه سعيدة.. طاقتها عالية تغني و ترقص وسط استغراب أخواتها.. و وتضع وردة في شعر والدها الذي لم يستطع تمييز حالتها.. 



وتساءل والدها وسط اخواتها.. عما يحصل لها.. فقالت له احداهن انه من الواضح أنها تحب.. ولكنه لم يستطع تمييز هذه الطاقة لطبيعته الذكورية العملية المنطقية.. 


ومن ثم تحتفظ آريل بتمثال آيريك الذي احبته من أول نظره.. تبدأ بالخجل من تمثاله.. و تؤمن انه حقيقة و تتعامل معه على أنه امامها.. تماماً كما نبني بداخلنا تماثيل لمن نحب و نظل نرغب بالاعتقاد انهم حقيقة..


ثم ينتهي حلم اليقظة التي كانت تعيش به.. و يأتي والدها بجبروبته و يناقشها عن حقيقة إنقاذها للإنسان من الغرق..
يقول لها والدها جميعهم مجرمين يستحقون الموت.. و تصرخ آريل .. ولكنك لا تعرفه ! كيف حكمت عليه؟ 
يرد عليها بالقول انه ليس بحاجة للتعرف عليه.. كل بني البشر مختلفين عنا و أشرار.. ومتوحشين و آكلي لحوم البشر..



بكل براءة.. تقول " بابا أنا احبه " و يغضب الأب غضباً لا مفر منه.. يدمر كل ما لديها من آثار من البشر.. قائلاً بغضبه ان حبها مستحيل .. 

المستحيل ، ليس مفهوماً لدى الحورية.. حيث انها تلجأ بعد ذلك إلى ساحرة البحر الشريرة - والتي ترمز في هذه القصة إلى النفس الأمارة بالسوء.. الايغو و الكبرياء الذي نلجأ إليه في لحظات الضعف و العجز وعدم الإيمان- 


آرسلا .. شخصية تمثل النفس الأمارة بالسوء.. الكبرياء.. لما نشعر بالسوء.. نروح لكبريائنا و للكراهية النابعة من الشيطان.. والتي هدفها الأول والاساسي ان تجعل الانسان يختار طريق الكراهية .. الذي هو طريق الحروب والدمار .. والهدف الاساسي لآرسلا ان تكره آريل باقرب حبيب لها .. سواء كان اباها او آيريك.. 
و آرسلا.. مثل الايغو الذكي الذي لا يقول بصراحة رغبته في زرع الكراهية.. لذلك بالبداية.. يضرب في وتر التوحيد.. في اننا جميعاً متحدين بشكل او بآخر.. لذلك.. دائماً ما تقول لنا نفسنا الامارة بالسوء.. ان سعادتنا بيد شخص واحد هو الوحيد والجدير ان نتعلق به .. و اننا في حال خسارتنا لهذا الشخص نكون في جحيم..

آريل.. كما الكثير من اللحظات التي يمر بها الانسان.. كانت غير واعية.. وبذلك آمنت بثلاث أفكار سامة من آرسلا.. 
الاولى: ان سعادتها بيد بشري واحد لا يوجد سواه .. ( عكس مبدأ الوفرة ) 
الثانية: ان كل شيء يجب ان يكون له ثمن و مقابل.. ( عكس مبدأ الغنى بالنعم) 
الثالثة: ان يجب أن يحبها آيريك في وقت معين.. قبل ان ينتهي اليوم ( عكس مبدأ التجلي والسريان ) 
















18‏/07‏/2019

تشابه حد الموت،، جمال حتى الحياة..




من أحد العجائب التي تحدث للمتعلّم أن الاجابات تؤتى على حين غفلة، منطوقة و مكتوبة وتتبخر أمامك قبل أن تلتقطها. 
وهذا ما حدث لي في بداية عملي في مكتبة قطر الوطنية، تعلّمت من الذين يعملون بها أكثر من الذين ألفوا الكتب التي تتراكم على رفوفها..

هذه التدوينة مهداة للفاضل السامي أستاذ الأدب الحقيقي عبدالله سعيد.. الذي كان من حظي السعيد العمل معه فترة وجيزة تغرقني من المعارف والحكمة ما يكفيني حتى لقائنا التالي..

كنا نتكلم في يوم عمل روتيني عن الأرواح، وعن أفكاري الطفولية التي ألتقطتها من كتاب عاشوا أضعاف عمري .. أو اكتسبتها من تجارب جرّدتني من عوامل التعرية الفكرية التي تختزن في جيناتنا الموروثة او تختزل في قصصنا الشعبية التي نسمعها قبل النوم.

كانت القصة أشبه بما يخترعه خريجي ماجستير الكتابة الابداعية و خريجي معاهد الكتابة الدرامية من أعرق مدارس الأدب و أكثرها كلاسيكية. ولكنها رغم وضوحها يكمن غموضها و تكمن كينونة الأشياء في تفاصيل الحقائق.

القصة بدأت عندما حكى لي عن قصيدة .. لشاعر من اللامنتمين لأي مدرسة أدبية او من يختبأ وراء عقيدة أدبية. وهو الشاعر السوداني أبن النيل الازرق.. التيجاني يوسف بشير .. 



الوجود الحق ما اوسع في الأنس مداه

والسكون المحض ما اوثق بالروح عراه

كل ما في الكون يمشي في حناياه الإله

هذه النملة في رقتها رجع صداه

هو يحيا في حواشيها وهي تحيا في ثراه

وهي ان اسلمت الروح تلقتها يداه

لم تمت فيها حياة الله إن كنت تراه

تعجبك القصيدة، و يعجبك الكثير مما يجعل متذوقي الأدب والشعر في نشوة الخيال و بلاغة الحروف المتصافة كسمفونية لا يشوبها نشاز ولا يكسرها وتر.

ولكن المذهل .. هو الشاعر.. توفي التجاني يوسف بشير سنة 1937 م، عن عمر يناهز الخامسة والعشرين. وكان سبب وفاته ينجم عن جرثومة (المتفطرة السلية) التي تصيب الرئتين في معظم الأحيان. 

أنفطر قلبي عندما أكمل الاستاذ عبدالله حكاية الشاعر الآخر جون كيتس.. وهو إيضاً من الرومانسيين اللا منتمين 



هذا الشاعر الذي كتب قصائده و هوجمت بالإنتقاد حتى توفي.. و انبثقت نجوم ابداعاته في السماء بعدما غطاه رماد النجوم تحت التراب..


Fade far away, dissolve, and quite forget 
         What thou among the leaves hast never known, 
The weariness, the fever, and the fret 
         Here, where men sit and hear each other groan; 
Where palsy shakes a few, sad, last grey hairs, 
         Where youth grows pale, and spectre-thin, and dies; 
                Where but to think is to be full of sorrow 
                        And leaden-eyed despairs, 
         Where Beauty cannot keep her lustrous eyes, 
                Or new Love pine at them beyond to-morrow. 


ولد الشاعر 31 أكتوبر لعام 1795 و توفي عام 1821.. و اختصاراً للعمليات الحسابية.. توفي بعمر ال25 عاماً وبسبب السل! تماماً كما الشاعر التيجاني الذي ولّد بعده و توفي بذات الاسباب و في تمام العمر الذي لفظته ارواحهم..

هذا التشابه الذي يكون حد الموت.. و جماله حتى الحياة التي خلّدتهم تكريماً لروحانيتهم و شفافية مشاعرهم التي لم تتحملها اجسادهم...

وقد قال استاذي عبدالله.. 


" شكرا ايمان . كنت محبا للشعر وقارئا جيدا حينها. لفت نظري التشابه في قصة حياتها، مرضهمها، موتهما المبكر وشاعريتهما الغريبة. امتلكت بالصدفة ديوان التجاني المسمى اشراقة ومجموعة كيتس الشعرية الكاملة طبعة ١٩٠٢م وشدني ما وجدته من تشابه في قصيدتين، الصوفي المعذب Ode to  a Nightingale 
فكانت المقارنة فيما يعكسان من رؤية اللامنتمي بتعبير كولن ويلسون ، للحياة والشعر. واللامنتمون كانوا دوما مبدعون مروا على الحياة دون ان يحسهم احد في زمانهم. لانهم ولدوا في الزمان الخطأ كما يعبرون عن انفسهم." 


يا ترى؟ هل لنا في هذه الحياة توأماً يولّد قبلنا او بعدنا او حتى أثناء وجودنا ؟ 
وهل هناك فرصة للقاء توأم الروح؟ 
وهل نستحق أن نعيش سوية قبل الموت و ما بعده ؟ 
او سؤالاً اعمق من ذلك .. هل سنجد الذين ينظرون للحياة مثلنا كما نظر الشاعرين رغم تباعد وجودهم لأكثر من مئة عام...


كما قال التيجاني.. نحن لا نعرف عن الحياة أكثر مما أكرمنا الله بمعرفته..

.. هذه الذرةُ كم تحملُ في العالم سراً!
قف لديها وامتزج في ذاتها عمقاً وغورا
وانطلق في جوِّها المملوءِ إيمانا وبرّا
وتنقَّلْ بين كبرى في الذراريِّ وصُغرى
ترَ كلَّ الكون لا يفتر تسبيحاً وذكرا









18‏/12‏/2018

شيء من الجمال الأجنبي... محاولة لترجمة مشاعر أجنبية إلى اخرى عربية..

Image result for a star is born

في الشهر الماضي، أعطيت فرصة لنفسي أن أرجع علاقتي القديمة مع السينما.. رغم الخيبات التي تعرضت لها  من عدة أفلام .. خاطرت بوقتي و حضرت فيلم " ولادة نجم" a star is born..
هذا الفيلم الذي يخنقك من شدة المشاعر و انقلابات الاحداث التي تجعلك تؤمن بمشاعر و تكره إيمانك بها...

مليء بالأغاني.. و ليست مجرد كلمات و عزف و توزيع.. بل أن الممثلة ليدي غاغا التي لم تمثل مسبقاً أعطت لمستوى الدور افقاً مختلفاُ عن الذي توقعناه عنها.. 

نهاية مأساوية لم أتوقعها تتجسد بهذه الطريقة السينمائية الإبداعية.. تجبرك على التعاطف اللامشروط مع الحالة الانسانية الضعيفة التي تصبح بها بسبب العار.. حيث ان شعور العار و الفشل هو ما يمكن أن يفتح لك أبواب الانتحار على مصراعيها.. وهذا ما يمكن أن يحدث بسهولة لذوي الاحساس المرهف سواء كانوا عازفين او مغنيين او غيرها من أدوار الادب والفنون في مسرح الحياة..

كتاب الأغاني قاموا بعمل أشبه بخرافة شعور تجبرك على الإيمان بها... 
Hillary Lindsey / Lori McKenna / Natalie Hemby / Stefani Germanotta..  
So when I'm all choked up
But I can't find the words
Every time we say goodbye
Baby, it hurts
When the sun goes down
And the band won't play
I'll always remember us this way

Lovers in the night
Poets trying to write
We don't know how to rhyme
But, damn, we try
But all I really know
You're where I wanna go
The part of me that's you will never die..

When you look at me
And the whole world fades
I'll always remember us this way..



هنيئاً لهم نجاحهم في إيقاظنا من ضمانات الحياة التي تجعلك تخسر الفرص لأنك لا تمتلك  الشجاعة في عيشها.. 


05‏/12‏/2018

الجانب الأسود من معارض الكتب ~

لا يمكن لشيء أن يصف الصدمة العاطفية التي تعرضت لها عند تعاملي مع معارض الكتاب كمهمة عمل أكثر من كونها نزهة!!
والكثير الكثير في هذه التدوينة التي لم أكن لأكتبها سوى لأن شخصاً ذو قيمة كبيرة لدي طلب مني ذلك في وقت متأخر من هذا اليوم.. 

بسم الله الرحمن الرحيم..

مذ كنت صغيرة لا أملك في محفظتي المخبأة تحت مخدتي سوى عشرة ريالات وأنا أحلم ان اشتري كل كتب معرض الكتاب.. وفي كل عام يكبر الحلم الذي اعتقدت أنه خلود السعادة و أبدية المعرفة.. 
والآن.. وفي عامي السادس والعشرون،   لدي من الميزانية المخصصة  لمعرض الكتاب ما حلمت به يوماً  وأكثر مما تخيلت.. ولكن.. لا أود ولا أطيق أن اتعامل مع أي من بائعي الكتب في معارض الكتاب!!

يا للمفارقة، نرسل دعواتنا للسماء و نفقد أملنا أنها تستجاب.. 
وعندما تتأخر استجابتها نظن اننا من المغضوب عليهم..
و حين استجابتها و تحقيقها نميل إلى الصدمة الكبرى أنها كانت أكثر سواداً فاق أفق احداث الثقوب السوداء الذي يبعج الوقت و المكان و يجعلك تذوب في عالم وقتك الخاص.. 

الآن ، اصبحت حذرة جداً من كل أمنياتي و دعواتي لأنني أدرك انها مستجابة وهذه نعمة تتطلب مني الحكمة في طلب ما أريده حقاُ.. لا ما أعتقد أنني افتقده!! 

رجوعاً إلى كابوس معرض الكتاب، سابقاً في طفولتي التي اتمنى ان تنتهي اثارها و دعواتها على مسار حياتي، كنت قارئة و أستمتع في محادثاتي مع دور النشر ظناً مني أن ما يقولون هو الحقيقة التي لا يشوبها شك او كذب.. كيف يمكن لشخص أن يكذب علي و هو البائع لكتب الصدق و المنجاة من العذاب و الركوض إلى الجنة!

اما الآن، بفضل من الله و دعوات صادقة من الاهل قرابةً و اصدقاءً .. و تشجيعاً و دعما من المعلمين الرسميين و الغير رسميين..
أصبحت أخصائية معلومات في أحد أكبر و اضخم مكتبة في الشرق الاوسط.. مكتبة قطر الوطنية..
ومن مهام عملي الأساسية هو تطوير المحتوى و المصادر و اختيار الأفضل منها لزوار مكتبتنا و مستخدميها.. 
وهذا بالطبع يتضمن زيارات إلى دور النشر في معرض الكتاب والتعامل معهم بشكل رسمي لتقييم محتوى الكتب لديهم، و شراء الأفضل منها لمكتبتنا.. 

وأثناء آداء هذه المهمة، اكتشفت ان صناعة الكتب هي من أسوء الصناعات التي فقدت هيبتها واحترامها في الدول العربية. حيث ان الكذب و الخداع هو السمة الاساسية في أغلب التعاملات التجارية 

كلما قمت بزيارة موقع goodreads ورأيت كمية الكتب المتداولة بين القراء ، أرى ان حصولهم عليها قد لا يكون لبقاً و طيباً و راقياً مثل ما توقعت.. 

يا لبشاعه بعض أخلاقهم !! كيف يمكن لبائع كتب أن يحسد البائع الذي بجانبه على رزقه او أن يتجرأ على قول أنه كاذب أو انه يبيع كتباً تالفة!! 
يا للمستوى الفظيع الذي يمكن أن يصل له الانسان حتى يبيع علماً مزيفاً، في أن يلاحق موظفين المكتبات وكأنهم سفهاء لا يفقهون في اختيار الكتب شيئاً و يحاسبهم على عدم المرور من أمام 

كلما رجعت إلى البيت، غسلت يدي أكثر من مرة حتى أطهرها من إمساكي الكتب الزائفة. هل يعقل أن يكون للكتاب هذا الوادي المظلم السحيق ؟ 

01‏/11‏/2018

ما الذي يمكن أن يحدث في حياتي في ثلاثة أشهر ؟ ~


هل تساءلتم يوماً .. ما الذي يمكن أن يحدث في حياتي بغضون ثلاثة أشهر ؟ 

سأختصر لكم درب الخيال و أحكي لكم ما الذي عشته في غضون ثلاثة أشهر.. 
سأبدأ في الأهم ثم المهم.. ثم الذي من واجبي أن اهتم به..

أول ما بارك الله لي وقتاً و جهداً لإتمامه هو مرافقة والدتي في رحلة علاجها إلى الولايات المتحدة والذي تزامن مع أنتهاء رحلة ماجستيري في علوم المكتبات و كذلك عرضي لبوستر بحث علمي في ولاية سان خوسي.. 

حيث أنني في اسبوعاً واحداً في يوليو .. أنهيت رسالة الماجستير في يوم الأربعاء و سافرت مع والدتي في فجر الجمعة إلى مشفى مايوكلينيك و في ذات الاسبوع قدمت صممت .. وقدمت بوستر علمي في أحد مؤتمرات المكتبات .. 

كنت أشعر أنني بحاجة لأكثر من ساعة في معصمي حتى يتلاحق هذا النبض مع هذه الأهداف التي أود تحقيقها.. كنت أذكر نفسي أن في الحياة ما يستحق ان نبذل الجهد لأجله.. أن نرى صحتنا و عقلنا و قدراتنا مثل وقود السيارة التي تمضي في طريقها .. نحن نختار الطريق الذي لن تتغير نهايته بالنفاذ و الركون.. 

تعلمت معنى الأخوة الحقيقية، عندما ركبنا أنا و أخي طائرة مختلفة عن تلك التي نحمل تذاكرها، و سافرنا لولاية بعيدة عن تلك التي تنتظرنا والدتنا بها.. 
 و دون حقائبنا و بعيداً عن وسائل راحتنا.. تعلمنا الصبر و اكتشفنا شخصياتنا تحت الضغط الغير متوقع و روح المغامرة و القبول لما تضعه الأقدار أمامنا من تجارب.. كان سندي و كنت الأخت الصغيرة التي تنظر للبطل في داخله.. 

تعلمت أن أولويات الانسان تترتب عندما يخرج من دائرة ارتياحه .. يدرك الانسان في لحظاته الطارئة انه ما هو مهم يحتل الأهمية دوماً .. دون مجاملة او روتين او حتى تخطيط..

هنيئاً لكل الذين يقدرون النعمة  قبل زوالها او تحولها لنقمة.. 

و في اغسطس، سافرت مرة أخرى لحضور مؤتمر المكتبيين العالمي في ماليزيا.. وكانت تجربة عائلية أكثر من كونها عملية.. من المتعة أن تسافر مع زملائك في بداية خط مهنتك معهم.. تكتشف نوعية القهوة التي يفضلونها.. عاداتهم و تقاليد انتاجيتهم.. مزاجهم المتقلب الذي يشبهك.. تشبعهم الذي يشاركونك به.. المواقف الظريفة التي لا تعد و لا تحصى.. مقدار الثقة المتبادلة التي يمكنك أن تغرسها في نفوسهم.. قبولهم اللامحدود لعيوبك قبل مزاياك.. 
وهذه وصفة لا تقتصر على بيئة عمل معينة او جماعة مميزة.. بل هي بداخل كل زميل و كل رفيق عمل .. ومن الذكاء ان تتحكم بهذا المناخ العاطفي بهدوئك و تقبلك اللامحدود لهم.. 

أكاد أرى ان هذا الوقت هو الذهبي في حياتي .. 
الذي سيمضي في وجهتين لا ثالث لهما.. 
أما زيادة في العطاء .. و أما نقصاناً في الخفاء.. 










من شفيلد أحييكم .. ٢

 في بعض المرات، تخونني الذاكرة فلا أدرك ما الذي حدث قبل الآخر ؟  كل ما اتذكره أن اول معضلة كانت.. الحصول على مشرف يتبنى فكرة البحث الخاصة بي...