14‏/02‏/2022

من شفيلد أحييكم .. ٢

 في بعض المرات، تخونني الذاكرة فلا أدرك ما الذي حدث قبل الآخر ؟ 

كل ما اتذكره أن اول معضلة كانت.. الحصول على مشرف يتبنى فكرة البحث الخاصة بي.. 

انتظرت احد الاساتذة في كلية لندن الجامعية الأم  لمدة استغرقت من اكتوبر ٢٠١٨ وحتى يناير ٢٠١٩، حيث أبلغني عن أنشغاله مع طلبة دكتوراة آخرين وعدم قدرته على التجاوب مع طلبي. كانت هذه أول صدمة اتعرض لها مما اعطتني الشجاعه لتقديم طلب البحث لجامعة شفيلد الذين تجاوبوا معي وقتها أسرع مما تخيلت.. وصلني الرد بالقبول المبدئي منهم في فبراير ٢٠١٩. 

التحدي الثاني كان يتمثل بإعتماد جامعة شفيلد للغة الدراسة التي درست بها في الماجستير في الحرم الجامعي داخل قطر، وكنت قد شعرت قبل ردهم الرسمي أنني سأضطر إلى تقديم الايلتس واحراز درجة عالية في قسم الكتابة للحصول على قبولهم. اتخذت امتحان الايلتس في ابريل ٢٠١٩ ولله الحمد احرزت الدرجة المطلوبة وما يفوقها. 

التحدي الثالث، تمثل بالحصول على شهادتي الماجستير التي تأخر صدورها وإرسالها لي أكثر من المتوقع، في وقت حصل فيه الطلاب من دفعتي على شهاداتهم في يناير ٢٠١٩، لم احصل عليها حتى مايو 2019 بعد شكاوى متعددة لقسم التسجيل في لندن والذي برّر هذا التأخير بكون أسمي في الشهادة يختلف بحرف واحد عن أسمي في الجواز.. Eman , Eiman . 

التحدي الرابع، وهو الاصعب والذي استغرق مني صبراً منذ سبتمبر ٢٠١٩ .. لم اتوقع ان الحصول على موافقة عملي بتمويل وزارة التعليم لدراستي هي المعركة الحاسمة! لم تكن المشكلة في مكان عملي ومدرائي.. بل كانت تتمحور نحو سياسات المؤسسة التي يتبعها مكان عملي، والتي لا تسمح لطالب الدكتوراة بالحصول على منحة اكاديمية من الوزارة لما لم تكن الدرجة الوظيفية وسنوات الخبرة مطابقة للمتطلبات. كان الدعم الذي تلقيته من إدارة المكتبة ومدرائي المباشرين كفيل بتجفيف دموعي وانهياراتي العاطفية كلما تذكرت انهيار حلمي وقتها.. 

كلما تذكرت دعم مديرة المكتبة دكتورة سهير وسطاوي التي شبهتني بآينشتاين الذي حصل على شهادة الدكتوراة في عمر ٢٣ .. يدفأ قلبي ويطمئن ويدعو الله أن يسخرني لأمثالها ويسخر لها خير عباد الله.. 

كلما تذكرت مكالماتي الهاتفية مع ملهمتنا عبير الكواري، التي كانت تشمل ٩٠ ٪ من لحظات البكاء و ١٠٪ تهدئتها لي.. اطمئن واسأل الله أن أرد لها جميل وقفتها معي.. لم يكن ما أطلبه مستحيلاً .. بل كان جديداً لا أكثر.. 

في ذلك الوقت، في نهاية عام ٢٠١٩، كان ارتباطي بشريك الحياة والصديق والحبيب الغالي امراً لا املك الجرأة على تأجيله.. كان وجود زوجي معي في تلك المعارك امراً أشد به أزري الذي كان لينهار وسط خيبتي من مجريات الاحداث.. أتذكر أنني قمت بزيارة جامعة شفيلد في عام ٢٠١٩ للإعتذار عن تأجيل دراستي - حتى استطيع التوصل لحل مع سياسات مكان عملي-  شخصياً من مشرفاتي.. اتذكر أنني وقفت في ساحة ريجنت هاوس، حيث تقع مكاتب قسم المعلومات والمكتبات.. وكنت أبكي.. وادعو الله أن ييسر أمري.. اتذكر أنني كنت أهاتف خطيبي آنذاك، زوجي وقرة عيني الآن، وهو يصبرّني ويتحدث بإيمان الرجال وصلابة شخصياتهم.. أنني سأكون هنا.. يوماً ما وسأهاتفه من ذات البقعة وأنا سعيدة لإكمالي دراستي وأن همي الوحيد سيكون كيفية إكمال المهام الدراسية التي تنتظرني.. 

كلما تذكرت أن أخي الاصغر قد ضيّع سنة من حياته ينتظر الذهاب معي لشفيلد، ولم أذهب لظروف لم أستطع توقعها. أبكي من شدة الخذلان الذي شعرت به.. رغم أنه لم يشكو أبداً من هذا التأخير.. إلا أن غريزة الأخت الكبرى يصيبنا بالقلق اللامنتهي.. 

أتذكر، أنني لم استطع الحديث مع مشرفاتي عن صعوبة قدومي وأنني اعتذرت لأسباب واهية وقمت بالتأجيل لعام كامل.. لسبب ما لم أستطع أن أكون صريحة بالصعوبات التي اواجهها مع مكان عملي، حيث أن الحل الأمثل بالنسبه لهم سيكون تحويل دراستي من نظام كامل إلى جزئي، ولكن وزارة التعليم لن تقبل بتمويل إي منحة إلا إذا كانت الدراسة بنظام كامل، والعمل لا يمكنه الموافقة على دراستي سوى أن تكون بنظام جزئي.. 

وانتظرت موافقة عملي.. نوفمبر .. ديسمبر.. انقضت سنة ٢٠١٩ ولم أحصل على أجابة.. 

قرار تحديد موعد الزواج كان مرتبطاً بموعد بدء دراستي، التي لم أكن ادركها.. توكلنا على الله وحددنا موعد الزواج ليكون في صيف ٢٠٢٠. وحدث ما لم آتوقعه.. 






كان الخير كله بإسم.. كورونا.. 

من شفيلد أحييكم .. ٢

 في بعض المرات، تخونني الذاكرة فلا أدرك ما الذي حدث قبل الآخر ؟  كل ما اتذكره أن اول معضلة كانت.. الحصول على مشرف يتبنى فكرة البحث الخاصة بي...