28‏/01‏/2015

شيئاً في بداية عامي الثاني و العشرون ....

و أن كانت الدنيا فانية ، فلنجعله فناءً جميله ..

كتبت الجملة السابقة في يوم ميلادي ، 11 نوفمبر 2014 .. لا اعلم ما الذي كنت أفكر فيه .. لكنني اعرف انني لم استطع الأكمال اكثر .. كان عقلي فارغاً إلا من الواجبات اليومية والاسبوعية والتكاليف والامتحانات الشهرية .
غريب كيف ان المهام اليومية من الممكن ان تغرق الانسان حتى لا يتنفس عقله ، وان تعمي عينه حتى لا يبصر شيئاً ..
كيف انها تخدر الانسان عن تحريك عقله و توهمه انه ينمو و يكبر بمقدار ما يحققه من انجازات ، و ليس بقدر ما يتعلمه من ايامه..

تحذير : هذه التدوينة كتبت بأرتداء القبعة .. السوداء .. 

في العام الماضي ، كنت محظوظة كفاية بالعديد من الاحداث الهامة و التي أثرت بي و ايقظتني من غفلة اعتادتها طالبات جامعة قطر ، لا أقصد ان جامعتي سيئة و لكننا نتعامل مع متطلباتها بسوء يفصلنا عن العالم الخارجي و مقتضياته..

استغرب عندما اقرأ في رسالة الجامعة على موقعها الالكتروني بأنها تهدف إلى تخريج كوادر تناسب متطلبات المجتمع القطري المعاصر ، و لا اجد الجرأة في تعديل هذه الرسالة ليكون خريج الجامعة مناسباً لمتطلبات العالم !!
لا ألوم الجامعة كل اللوم ، بل انه عقول الطالبات بحاجة لاهتزاز معرفي يخرج كنوزها المخبئة في كهوفها العميقة .. بحيث تطالب الطالبة جامعتها بتعليم اكثر احترافية و اكثر حداثة من الملازم المطبوعة من التسعينات و الكتب التي انقرضت طبعاتها !!

.. اركز في هذه التدوينة على جامعتي لأنني أكاد اراها بنظرة تختلف عما كنت اراه في تدويناتي السابقة ، ففهي شهر ابريل الماضي الذي لم يمر عليه سنة كاملة .. كنت اعتبرها جنة من جنان الدنيا بقلوب من عليها و سعة نفوسهم .. أما الآن .. فقد اختلفت الرؤية ، لأسباب أدركها شعورياً و اخرى لا ادركها إلى الآن ..

قلما اجد طالبة استطيع التحاور معها عن مثلاً " نظرية الاوتار " التي تجتاح العالم المعرفي و كذلك عن العوالم المتوازية او غيرها من العلوم الكونية ، ناهيك عن وجود استاذ جامعي استطيع فتح نقاش بمثل هذا التحديث معه.. لأ أعمم .. هناك من الاساتذة الذين كنت محظوظة بالتعلم على يدهم و التعرض لعلومهم الغنية على سبيل الذكر لا الحصر ( أحمد ابراهيم : بروفسور تاريخ و شؤون دولية ) وكذلك ( عبدالقادر بخوش : بروفسور الدعوة والاعلام ) و كذلك الاستاذة التي أعتقد انها من عالم آخر لا ينتمي للجامعة بأي صلة ( دكتورة كلثم الغانم : علم اجتماع )

دائماً اتسائل ،

 من هو المسؤول عن تعطل عقول طالبات جامعة قطر؟ 
صدقاً اسميه تعطل ..و أقصد بالتعطل هو وجود امكانية تشغيل هذا المحرك ما أن يصلح الخطأ الذي كان به ، ما ان يعالج من الفيروسات التي ألصقت به و الافكار التي ملئت فراغه بغير خير، أي انه هناك امكانية لعمل هذا الجهاز العقلي ما أن تكون توليفة التفكير به مناسبة مع تحديات العصر .. هل هي الطالبة نفسها ؟ او الاساتذة الذين يكررون المواد العلمية على مدار السنة و يختبرون الذاكرة والقدرة على الحفظ مهما اختلفت أساليبهم أو انها السياسات التي لا تشدد عليهم التطوير والتعليم المستمر .. أم انها الإدارة التي لا تقرأ و لا تحفل سوى بمقاعدها و قلما اجد منهم من يطور ذاته لذاته !! استثني من هذا الحديث الاستاذة الفاضلة " الجازي المري " التي قد تكون الوحيدة في هذا الحرم الجامعي التي تحدثت معها عن قانون بدائي من قوانين فنون الحياة و أكملت معي الحوار بكل تشوق و استمتاع و حماس ، هي و أمثالها يواجهون صعوبة في التعامل مع الفئة الضالة التي تحيا من اجل العمل ، و لا تعمل من أجل الحياة .. لا بوصلة مبادىء و لا رؤية تحمسهم ولا غيره .. لذلك تكون من النوادر الذين أتنبأ صلاح المؤسسات التعليمية عند الاستماع لمثل آرائهم الثاقبة

كم معدل قراءة الطالبات الفعلي ؟ 
هذا السؤال متعلق بالسؤال الذي يسبقه .. حيث ان الوعي يأتي من قراءة الكتب او اقله الدوريات من وجهة نظري..
اخبركم من الآن بعيداً عن الاحصائيات التي لا تصح اسسها العلمية والمتوفرة في الجامعة ، متدني جداً .. خبرتي في قيادة نادي الكتاب للعام الماضي بينت لي أن نسبة القارئات من طلبة الجامعة لا تتعدى 1 % .. الأمر ليس مقصوراً فقط بأنضمامهم للنادي من عدمه .. بل أنه متعلق بملاحظتك لمستوى الوعي في الحوارات الصفية واللا صفية .. أمر مخزي و مؤلم و متعب.. جهود مكتبة الجامعة على قدم و ساق و مدير المكتبة يعد من أفضل الشخصيات التي التقيتها في الجامعة ، شخصية متفانية و معطاءة و ذات رؤية و رسالة  ، لكن حماس الطالبات المتعلق بقناعة الاساتذة الذين يؤمنون انهم " ختموا العلم " بحصولهم على الدكتوراة ...
هناك جماعة قارئة و مفكرة في الجامعة ، كنت محظوظة بتعرفي على احد قياداتها الطالبة هديل غسان مسلم ، البنت المرهفة كالتوليب ، يأخذ وقتاً حتى يظهر للناس شدة جماله .. هديل لديها صفحة على الفيس بوك على هذا الرابط  هذه الكاتبة اخبرتني ان هناك من يقرأ في جامعة قطر ، دخلت على تلك الصفحة .. ايضاً لم تأتي بنسبة 1 % من مجموع طلبة الجامعة .. هذه الطالبة من خيرة الطالبات اللواتي أعطني أمل في وقت كنت أحتاجه ، و ظهرت أمامي في وقت أبحث عن ظهور أمثالها..
أثبتت لي انه ، لا أحد وحيد ..


هل العبأ الأكبر في تحفيز الطلاب هو المعلم ( الدكتور ) ؟ 
إلى حد ما ، نعم ..
الاستاذ الذي يغرس في عقل طلابه انه هو المهدي المنتظر الذي سيحل مشاكل المجتمع أو انه الذي يستطيع التفكير بالنيابة عنهم ، و تحديد مصيرهم بل إيضاً لديه القدرة ان يحفزهم و أن يعطيهم الثقة الصحية في تمرين عضلات عقولهم .. وأن ينطلقوا للبحث عن اسئلتهم الفضولية .. و أن لا يخمدوا شعلة التساؤل و البحث الدائم ..

في الجانب الآخر من الاسئلة الماضية ، و أهتمامي البالغ في ان يحمي الانسان عقله على الأقل ، و تطعيمه من المعرفة ما يقويه و يشدد به ازره .. و يكون محصناً من الفيروسات المعرفية ..

في ذلك الجانب الآخر ، فرصتي التي حصلت عليها عن طريق منظمة علّم لأجل قطر .. في أن أكون ذلك المعلم الذي أريد ..
في أن ألهم هؤلاء الطلاب ان يكونوا باحثين عن المعرفة لا متلقيين لها ..

في أن  أكون دكتور أحمد أبراهيم



الذي أمسك بي منذ اليوم التعريفي الأول لي في جامعة قطر سبتمبر 2010 .. وشجعني أن اكون من ضمن برنامج التميز الاكاديمي .. في أن احاط بالمتميزين .. في أن أرتقي لمعاييرهم .. في أن ابحث عن اكثر الاسئلة صرامة سواء كانت تاريخية او فكريه او غيره .. في أن أسمع لطالباتي و أن اعتني بذاتي كما يعتني هذا الاستاذ بنفسه و حماسه و حبه لتطوير مفاهيمه عن الحياة ..

في أن أكون دكتورة ندى الطيبة ..

التي حضرت تكريم حفل التميز الاكاديمي في عام 2011 عندما حصلت على جائزة الخدمات الطلابية ، حضرت بحماس الأم و فخرها .. لم أكن سوى طالبة في قسم تترأسه .. لم أكن حتى تعلمت على يدها او نلت شرف معرفتها  و تشجيعها على التعلم خارج الصندوق. . حتى وأن كان ما نظرحه في فصل التعلم يخالف ما تعلمته بخبرتها و معرفتها ..


في أن أكون دكتورة كلثم الغانم ..

الباحثة حتى الصميم ، الفلطحية التي تشرح دون النظر إلى علامات استفهام طالباتها .. التي على رغم من تفوقها على نظرائها من الاساتذة إلى انها تخجل من معلومة لا تعرف مصدرها .. و تبلغ بها المصداقية العلمية في أن تذكر اخطائها في بحوثها و قصور اكتشافاتها دون المطلوب .. بينما أنها اضافت للعلوم الاجتماعية في قطر الكم الذي يخلق لها الحساد من الزملاء و التابعين من الطالبات.. تلك التي لا تسمح لعقلها بالركود مهما تعبت .. اشياء و مواصفات معلم ترى بالعين قبل  الأذن ..


في أن اكون الدكتور عبدالقادر بخوش 

الذي أفخر بوجود محاضراته على اليوتيوب ، و أفتخر أكثر انني تعلمت على يده كيفية الحوار السليم مع المخالفين قبل المتفقين.. و أفخر انني احمل بين كتبي ، كتاب تاريخ الأديان الذي ألفه .. هذا الاستاذ الذي كان يعذرني على أيام غيابي التي فاقت العدد المسموح به .. و عذرني أكثر انني طالبة في سنة التخرج التي تثقل خطواتي لكل محاضراتها .. كنت أحضر متأخرة في كل المحاضرات تقريباً .. ابتسامته و تقديره لحالتي النفسية .. ثناءه على صوتي عندما أقرأ و حلمه لي أن اصبح اعلامية قادرة على ايصال صوتي للآخرين .. و أنا اقول له ، هذه مهمة غيري أن شاء الله يوفقون بها .. الاستاذ الذي يوصي دور النشر علي في معرض الكتاب ، و يختار لي مؤلفات يدرك و يعرف انها تفيدني و تفيد زميلاتي الطالبات ..




وهذا يقودني إلى الجملة التي كتبتها في يوم ميلادي الماضي ، و تجمد عقلي من التفكير بها ..
ان الفناء الحقيقي للأنسان ، هو أن لا يتأثر من حياته او عدمها أي شخص .. و الخلود الحقيقي هو أن تعلم شخصاً .. بأخلاقك قبل معرفتك .. بطيبك قبل حزمك .. بمبادئك قبل أسلوبك ..

ربي اوزعني ان اشكر نعمتك التي انعمت علي .. والحظ الذي أظهر هؤلاء المؤثرين في حياتي ..
و أن رزقني الاصدقاء الذين يشدون بيدي كلما احتجتهم ..

من شفيلد أحييكم .. ٢

 في بعض المرات، تخونني الذاكرة فلا أدرك ما الذي حدث قبل الآخر ؟  كل ما اتذكره أن اول معضلة كانت.. الحصول على مشرف يتبنى فكرة البحث الخاصة بي...