03‏/02‏/2014

أصدق الحديث .. و أكثره كذباً ,,

يقال دوماً أن أصدق الحديث ما يقال للذات ، أو في الخلوات .. 
و في هذا الإعتقاد جزأً كبير من الصحة , وهو أنك عند حديثك مع ذاتك في زوايا صمتك أو بين تلك الجدران التي لا يوجد بها سواك .. تتحدث بكل عفوية فتأنب و تعزز و تعاتب نفسك او حتى الآخرين .. و لكن يتفجر نهر الصدق لأنك تثق أنه لن يبلل أحداً غيرك .. 

هكذا هي حالتي في هذه المدونة ، كثيراً ما أكتب و أنا أثق أن لن يقرأ أحداً ما كتبته . و لن يعلم أي حد لما أكتب و كيف أكتب ومتى أكتب .. 

فتأتي تلك الكلمات التي تطرق أبواب قلوب الآخرين بكل أدب و استحياء .. وكأنها خرجت من قصري المحصّن خفية و أستخباء .. 

بالفعل .. أصدق المشاعر و الأفكار تلك التي أكتبها وأنا أعلم و أعيي أنه لن يقرأها سوى من لا يعرفني شخصياً .. ولكن هذا الإعتقاد المطمئن قد أهتز بعبارات الحب و التقدير التي أتلقاها من الذين يقرأون هذه المدونة المتواضعة و يشرفوني بوضعها في أهم الأماكن في هواتفهم النقالة و أجهزتهم اللوحية .. 

فيستأنس قلبي بتلك الكلمات الصادقة التي تكتب لي وألمحها في هاتفي النقال .. 
فأتيقن أن هناك رسالة معينة بعثت من أجلها لهذه الأرض و هذا العالم .. 
اسأل الله أن يلهمني معرفتها قبل فوات الأوان و ضمور الشعلة التي أحميها في داخلي من عواصف الظروف و تغيرات الجو المفاجئة .. 
و أنني لا أحمي هذه الشعلة حباً في ضياها الدافىء .. بل هو تقديراً لمن أشعلها يوماً في داخلي و نسي مع مرورالوقت وجودها بين جدران أضلعي .. 

أكتب لكم اليوم ، مسيرة التخيّل التي كنت أنسجها لوظيفتي المستقبلية .. 
بداً ً من طفولتي الغجرية حتى مراهقتي الهوائية و انتهاءً بفترة الشباب الجسدي الذي اعيشه و الرشد العقلي الذي أتمناه الآن .. 

سابقاً .. و تحديداً في الصف الأول أبتدائي .. كنت أتمنى أن أكون كاتبة .. و تخيلت كثيراً ان يوضع أمامي صندوق مليء بالأحرف و أطقطق بأصابعي عليه و أنتظر سماع تلك الدقة التي تنبهني أنني يجب أن ادفع بحامل الورق إلى اليمين لبدء سطر جديد في كتاباتي ... 
لم اكن أتخيل انه سيكون هناك لابتوب و آيباد و غيره من الأجهزة التي ستطلب من الآخرين التعبير عن ذواتهم .. و سيقابلها تجاهل لفائدتها الحقيقية من الأغلبية الصامتة..


و مر بي الزمان حتى قررت أن أكون بطلة جمباز ، وهذا بعدما ربحت الميدالية الذهبية  التي أصبحت بفعل الزمن فضية الآن .. في دوري للجمباز الإيقاعي على مستوى المدارس.. 

كنت كلما أنسج في خيالي صورة لمهنة المستقبل .. ألاحظ أن هناك أيادي تظهر لي فجأة و تسلمني بيدي تلك الأبر و الخيوط حتى أنسج في خيالي أكثر و أكثر .. 

حتى رجعت مرة أخرى لشغف الكتابة و عاهدت نفسي أن لا أضيعه مرة أخرى ..
و لكن جرفتني مغريات الحياة مرة ثانية لأستقر على رصيف التنمية الذاتية و البشرية و التطوير الذاتي و أنبهر بتلك الكتب التي تثق بالخير في الآخرين و تدعوهم لإخراج ما بهم من قدرات و مواهب .. و ساهمت تلك الكتب التي قرأتها في مقتبل العمر مثل كتاب صلاح الراشد - كيف تخطط لحياتك و الأستاذ ابراهيم الفقي رحمه الله .. أن هناك خير في داخل كل مننا.. و يجب أن أراه مهما تأذى بصرى و أعميت بصيرتي .. 

و لكن تبدلت تلك الطموح ، عندما اكتشفت انه لا يوجد تخصص في جامعة قطر قريب من هذه الأهتمامات ولو حتى تخصص موارد بشرية .. فبحثت عن شغفاً جديداً يعطيني حبلاً أتعلق به في مجتمعنا .. فكانت الهندسة الميكانيكية ذلك الحب الجديد و العشق المجنون.. و الذي أحمد الله الآن انني لم أعتبره سوى علاقة عابرة أنتهت بأختياري لتخصص الخدمة الإجتماعية ليصبح تخصصاً أكاديميا قريباً من مجالي الذي أقتنعت بأهمية و هو " مساعدة الذات - self Help" و فرحت أكثر عندما علمت أنه في أمريكا و بعض الدول الأوروبية .. تعتبر كتب مساعدة الذات جزأً من تخصص الخدمة الإجتماعية الحديثة .. 

قصتي مع تخصصي الحالي تحتاج تدوينة أخرى في وقت لاحق .. 
فهي مليئة بالتفاصيل الدقيقة و التحولات الفكرية و القرارات المصيرية التي أتخذتها في سبيله .. 

باقي لي من الزمن 3 فصول دراسية و أتخرج أن شاء الله .. و لكن ما لا يعلمه الآخرون عني .. او ما لم أعلنه هو أنني لن أعمل كأخصائية إجتماعية .. فقد أخترت مهنة أخرى ابدأ بها طريقي المهني .. و هي لا تمت بالصلة لأي من تلك المهن التي سردتها سابقاً .. 
سأكون معلمة .. 
نعم .. معلمة لطلبة المدارس .. 
أقله لمدة سنتان لما بعد تخرجي .. حتى أشبع شعور العطاء الذي يأنبني عندما أود أن أفيد الطلبة في المدارس و لا يدركني الوقت و الجهد لذلك .. 

و هذا ما قررته عندما طرحت لي زميلتي تهاني المري مشروع " علّم من أجل قطر " وهو جزأ من منظمة عالمية تهدف لإستقطاب القيادات الشبابية لتعليم الطلاب في المدارس مجموعة من المواد الدراسية الأساسية التي تساهم في ارتقائهم على المستوى العالمي في المواد الأساسية مثل العلوم و الرياضيات .. 
قرار مثل هذا في وسط أنتظاري لأن يطبّع كتابي الأول " الطريق في مملكة النجاح " و الذي يتناول محاور مساعدة الذات و التخطيط و الإلهام يعد ضرباً من الجنون .. ولكن لا أعلم سوى أنه سرنديب يأخذني لقدر جميل .. يتطلب مني شجاعة للكشف عنه..  

أعلم أنه من الجنون أن يمشي الطالب في طريقاً مختلف عن ذلك الذي أعد نفسه 4 سنوات ليسلكه .. و لكنها تجربة فريدة و مليئة بالعطاء ..

أود أن اتخذها لأعرف ما مدى صدق حبي للعطاء وما مدى كذبه .. 

والله ولّي التوفيق .. 

* بالفعل لاأعلم كيف أزف هذا الخبر المهني لزميلاتي و أساتذتي .. 





















من شفيلد أحييكم .. ٢

 في بعض المرات، تخونني الذاكرة فلا أدرك ما الذي حدث قبل الآخر ؟  كل ما اتذكره أن اول معضلة كانت.. الحصول على مشرف يتبنى فكرة البحث الخاصة بي...