26‏/06‏/2010

حكاية بيروت 19~4 + تأمل في اشجار الأرز ~







• رحلة بيروت 19


كان يوم الأقلاع بتاريخ 14 – 4- 2010
حيث توجهنا للمطار بعد الدوام المدرسي المعتاد ودعوات اهالينا ومعلماتنا وادارات مدارسنا مملوئه بالتوفيق والنجاح لنا في هذه الرحلة , وكذلك جو الهمة العالية كان طاغياً على لحظات انتظار اقلاع الطائرة , كنا نتخيل لبنان واشجارها وجوها وروعة نسماتها وثقافة كتابها وعلو جبالها وزرقة سمائها وأمواج بحارها . حتى اقلعت الطائرة مساء الأربعاء ووصلنا لمطار بيروت قرابة الساعة الثامنة ليلاً .

تم استقبالنا في المطار من قبل احدى المنظمات في مسابقة بيروت 39 وقد كانت الآنسة سارة في استقبالنا حتى توجهنا للفندق وهناك ألتقينا بالطلبة من دولة اليمن وهم محمد عبد السلام الثور و آمال سالم وهم من الفائزين على مستوى دولة اليمن .

جمعنا عشاء جماعي وتجاذب لأطراف الحديث لتوطيد المعرفة بيننا وتم توزيع ملف به جدول الرحلة وبعض المعلومات عن اهم الأماكن السياحية التي سنقوم بزيارتها خلال الرحلة .

ومن ثم ألتقينا بكاتب مهم ومقدم رائع وهو الأديب الاعلامي " زاهي وهبي " مقدم برنامج خليك بالبيت على قناة المستقبل .الذي رحب فينا وشجعنا على الكتابة والمشاركة في المحافل المحلية والدولية .







• التأمل في الأرز



توجهنا في صبيحة يوم الخميس عبر الباص وقد كان المرشد السياحي هيثم يتحدث لنا عن لبنان بشكل عام وسبب تسميتها لبنان وهو مشتق من كلمة " ل ب ن " السامية والتي تعني "أبيض" وذلك بسبب لون الثلوج المكللة لجباله , وفي رواية اخرى انها مشتقة من كلمة "اللبنى" أي شجرة الطيب، أو اللبان أي البخور، وذلك لطيب رائحة أشجاره وغاباته. ويقال انها اسم أشوري مؤلف من "لب" و"أنان" وتعني "قلب الله" إذ اشتهر جبال لبنان كموقع للآلهة عند الأقدمين.



وكذلك اعطى نبذة بسيطة عن جبال الشوف وجبل الدروز الذي توجهنا أليه وعن القرنة السوداء وهي أعلى قمة في الشرق الأوسط في شمال لبنان في جبل المكمل ويبلغ ارتفاعها اكثر من 3000 متر فوق سطح البحر

ذهبنا ألى بلدة دير القمر

















 والمركز الثقافي الفرنسي ومكتبته العامة .





 وبعد ذلك توجهنا مباشرة إلى جبل الأرز ومحمية ارز الشوف وهي اكبر محمية طبيعية في لبنان , آخر امتداد للأرز اللبناني جنوباً , منطقة هامة للطيور المهاجرة و محمية مدى حيوي ( 5 % من مساحة لبنان )








شجرة الأرز هي من أصلب الجذوع الشجرية وهي كذلك من الصنوبريات , بطيئة النمو اي انه قد تتطلب مئات السنوات للنمو بشكل واضح , قد يصل ارتفاعها إلى اربعين متر افقي إلى 70 متر .لها رائحة جميلة رائعة وكان يستخدمها الفينيقيون في بناء السفن للأستعمار والمصرييون القدامي استخرجوا زيوتها لتساعدهم في تحنيط امواتهم . لها اوراق مسننة ضعيفة وجذور غليظة عميقة .




طلب منا في هذه الرحلة ان نقوم بكتابة " تأمل انعكاسي "على صورة نلتقطها في ربوع الطبيعة الهادئة وكان موضوع التأمل عائداً للطالب نفسه فلا شيء محدد , قصة , شعر , او خاطرة كفيلة في ان تبرز هذه المهارة .


كان تأملي كالتالي :-


هل نحن أشجاراً متحركة ؟ سؤال راودني بعد النظر إلى ما وراء لمعة الأعشاب وتناغم الأشجار وتناسق الأزهار .



أبصرت كيف ان اشجار الأرض هي تجسيد لسكانها ولكن الفرق أنه لا يأبى التخلي عن أرضه والأبتعاد عنها مهما كان الظرف . فهو ملصوقا ً بقاعها ومتشبثا ً بسمائها بكل تودد , على الرغم من صلابة قلبه وهو خشب أصم إلا انه ينبض بحرارة تفوق قلوب البشر .


انطلاقاًً من هذه الفلسفة , جسدت اشجار الأرز طبيعة انسانية صامتة ملامحها بارزة في شكل الشجرة من جذورها حتى ثمارها .


فلو بدأنا بالجذور . . عميقة في وسط الأرض بخفية كأنها تخبأ اصولاً نتوقع وصولها لبداية الخلق والخلافة في الأرض .


ولو أرتفعنا للجذع لجزمنا انه من أقوى الجذوع الصلبة التي تتحمل جميع الظروف , فلولا هذه الصفة لما استغلها الفينيقيون وأستخدم زيوتها المصريون لتحنيط امواتهم وتخليد ذكراهم .ولا بنوا السفن التي فتحت البلدان وساهمت في ازدهار الأستوطان .


ولا ننسى تلك الرائحة الطيبة التي تتعلق بذاكرتك وتستلهم حواسك وتحسن مزاجك .


أما الأفرع فهي قصة خيالية , نموها الأفقي الممتد متميز , كأنها تتطلع لتعانق جاراتها وتتحد معها لتنتج لنا مجتمع اشجار متماسك , يحمي الأرض ويغطي عنها قساوة الغيوم , ويجرح بأشواكه عدوان الهجوم .


ولا ننسى الأوراق الضعيفة التي على الرغم من صغرها إلا انها لا تتخلى عن مسؤولية تغذية الشجرة الشامخة التي بدورها لا تأبى بالنمو في أي مكان ولا يحلو لها سوى العلا الذي يليق بمكانتها وعزتها .


ولا ترضى بالعمر القليل بل أنها تصر على البقاء والنمو المعمّر .


شابهت الذكريات التي اختار لها الخالق مكاناً عالياً يليق بقيمتها في أعلى الجسد يحميها ويحفظها مهما كان نوعها , مفرحة أو حزينة في رأس يرمز والعزة والشموخ .لم يشدني شيئاً بقدر النمو الطامح لأعتناق السماء ومحاكاة النجوم ومجاراة القمر .

 
هكذا هو الشعب اللبناني بجذوره وأصوله الممتدة عبر الحضارات . وحبه لأفادة العالم بأنتاجه المتنوع وبرائحة سمعته الطيبة وبأصاله جسده القوي الصامد.


وأفرع المجتمع الذي مهما كبر كبرت معه روابطه السليمة وعلاقاته الحميمة .


وكذلك الأوراق , هي مصدر الرزق والأقتصاد الذي مهما صغر وتوّتر لا يتنازل ابداً عن تعمير المجتمع والأسرة والأفراد الصالحين


حضارات لبنان بعلبك , صور وجبيل جذور عميقة تؤكد أصالة الأرض فلم تمر حضارة حتى وضعت في لبنان بصمتها .


لأنها بلاد ترقى للأعلى دوماًً وهي دائماً ستبقى في قمم الجبال مهما زادت الرياح وتحديات المناخ وزلزلة الأرض على جميع الأصعدة .







يتبع . . .



من شفيلد أحييكم .. ٢

 في بعض المرات، تخونني الذاكرة فلا أدرك ما الذي حدث قبل الآخر ؟  كل ما اتذكره أن اول معضلة كانت.. الحصول على مشرف يتبنى فكرة البحث الخاصة بي...